ياسمين لاري، أول معمارية أنثى في باكستان، أسست شركتها Lari Associates عام 1964 في كراتشي. ومنذ إغلاق هذا النشاط عام 2000 بدأت لاري في التركيز على أعمال الحفاظ على التراث مع منظمة اليونسكو، وعلى تقديم مشاريع الإغاثة في حالات الكوارث مع مؤسسة التراث الباكستاني، وهي مبادرة عائلية شاركت في تأسيسها مع زوجها في عام 1980. وعلى مر السنين، ساعد الثنائي في بناء أكثر من 40.000 منزل مقاوم للزلازل والفيضانات و30.000 موقد لا ينتج الدخان ومئات المراحيض في المناطق الريفية في باكستان. وتلتزم لوري في علمها بمنهجيات منخفضة التكلفة وخالية من انبعاثات الكربون ومنعدمة الهدر، وذلك باعتماد البناء وفقاً للتقاليد العامة والتي تهدف إلى الاستدامة. وقد تم تكريمها على نطاق واسع وذلك لمساهمتها في إثراء مجال العمارة، حيث حصلت على جائزة جين درو عام 2020، وجائزة الموئل العالمي لعام 2018، وجائزة تصميم حجر كاري لعام 2017، وجائزة فوكوكا عام 2016.
نص الحلقة:
م.ف.: صباح الخير. معكم مهناز فانسي، مديرة الاتصالات والعلاقات الخارجية في ترينالي الشارقة للعمارة. وكجزءٍ من السلسلة الأولى من حوارات ترينالي الشارقة للعمارة، بعنوان مجتمع "عمارة وأكثر"، يسرّني أن أُرحّب بضيفة اليوم ياسمين لاري التي تنضم إلينا من كراتشي.
بعد تقاعدها من الشركة التي أسّستها في عام 1964 في كراتشي، ركّزتْ ياسمين لاري على عملها مع مؤسّسة التراث الباكستاني، وهي مؤسّسة استئمانية عائلية بدأتها مع زوجها في عام 1980، وركّزتْ من خلالها على الحفاظ على التراث ومشاريع الإغاثة من الكوارث.
ويسرّني الترحيب بياسمين لاري التي تُقدّم لنا اليوم نظرةً ثاقبةً مهمةً في الممارسة المعمارية التي تضع القضايا البيئية والاجتماعية والجنسانية في صميم مهمتها.
صباح الخير، سيدة لاري.
نأمل على مدار حوار اليوم أن نعرف المزيد عن ممارستك، والسياق الذي تعملين فيه، والتحدّيات التي تواجهينها، ونهجك إزاء البيئة المبنية.
لذا، بدايةً، أودّ أن أبدأ بسؤال حول السياق: بوصفكِ مهندسة معمارية باكستانية مارستِ مهنتكِ في بلدكِ في المقام الأول، ما هو الدور الذي تلعبه المسؤولية الاجتماعية في تطوّر حياتك المهنية؟
ي.ل.: شكراً لك مهناز على استضافتي اليوم. أشعر حقاً أن دولاً مثل باكستان تمنح المعماريين فرصاً هائلةً للعمل على مستويات مختلفة. لذا، كما أشرتِ، فقد كنتُ محظوظةً جداً لأنني تمكّنتُ من التعامل مع العديد من الأنواع المتنوعة من العروض المعمارية، إذا أمكننا قول ذلك.
بدايةً بالطبع، وكما هو حال كل معماريٍ، فجلّ ما يُريده هو أن يُصبح نجماً في مجاله. لذا، كنتُ قادرةً على أن أكون نجمةً معماريةً من خلال الفرص التي قدّمتْ نفسها لي، حيث عملتُ على العديد من أنواع الهياكل المعمارية الفنية في قطاع الشركات. كما كنتُ قادرة على تأليف الكتب والقيام بالكثير من الأبحاث، وبالطبع، الحفاظ على التراث، وهو محور شغفي تماماً كما تعلمين، فهناك الكثير من الأمور التي يمكننا القيام بها في هذا المجال. وأعتقد أنه من الأهمية بمكان أن نتعامل مع العديد من المسارات التي لم يختبرها أحد من قبل، وأن نجد الإثارة حقاً في العديد من الأشياء. وهذا ما حدث عندما تمكّنتُ من العمل في المجال الإنساني، الذي يُعدّ واحداً من أهم مجالات العمل، وأعتقد أنه أكثر الأعمال مجزية والتي يمكن للمرء أن يقوم بها.
م.ف.: لذلك، عندما انتقلتِ إلى العمل على هذه المشاريع التي تُركّز على الاستدامة الاجتماعية والبيئية في بعض أكثر المناطق فقراً في باكستان، قمتُ بتسمية منهجيتك أو فلسفتك الجديدة باسم "العمارة الاجتماعية الحافية". وأتساءل عمّا إذا كان بوسعك إخبارنا المزيد عن كيف يختلف ذلك عن عملكِ السابق.
ي.ل.: حسناً، لم أقم سابقاً بعمل الكثير من أجل المجتمعات الفقيرة حقاً في باكستان، حيث قمتُ سابقاً بعمل القليل وأداء بعض الأعمال في المستوطنات غير الرسمية، وأنجزتُ بعض الأعمال الخاصة بالهياكل الترابية أيضاً، ولكن القليل جداً منها فحسب. وبحلول عام 2005 ضرب الزلزال باكستان، وكانت أكبر صدمة يمكن أن تتعرّض لها أية دولة على الإطلاق لأننا فقدنا ما يقرب من 80,000 شخص، ونزحتْ حوالي 400,000 عائلة. وكان هذا في حد ذاته أمراً هزّ الجميع، ومثل أي شخص آخر في البلد أو من خارجه، شعرتُ أنه يتحتّم عليّ الذهاب إلى هناك. وكانت تلك هي المرة الأولى التي اختبرتُ فيها كيف شعور تغيّر الحياة تماماً، والمرة الأولى التي رأيتُ فيها أشخاصاً في حالة حداد عميق نتيجة الخسائر التي عانوا منها والأرواح التي فقدوها. وكأمةٍ، كنا جميعاً في حالة حداد لعدّة أشهر.
ومثل أي شخص آخر كان هناك، حاولنا القيام بكل ما في وسعنا. لم يكن لديّ أدنى فكرة عمّا يمكن للمعماري القيام به في مثل هذه الحالة، لأنني لم أشارك في أي شيء من هذا القبيل ولم أكن مستعدةً لذلك. وهكذا، وصلتُ إلى هناك ووجدتُ أنه، نعم، كان هناك شيءٌ يمكن حتى للمعماريين القيام به، ألا وهو البدء في البناء من أجل السلامة.
ولكن الحطام كان كثيراً من حولنا هناك، وبالتالي كان أحد المكونات التي يمكن استخدامها. وباستثناء الهياكل المعمارية الفنية التي عملتُ عليها لصالح قطاع الشركات الخاصة، فقد كنتُ دائماً مدركةً تماماً أنه عندما أبني من أجل الأشخاص الذين لا يملكون ما يكفي من الأموال، فإنه يتعيّن عليّ أن أُصمّم بطريقة اقتصادية إلى درجة كبيرة. لذا، كان أفضل شيء هو استخدام الحطام الموجود هناك. كما لم تكن لديّ أية أموال متاحة، فقد أنهيتُ للتو ممارستي، وعُيّنتُ في ذلك الوقت من قبل اليونسكو لأكون مستشارةً وطنيةً في حصن لاهور – موقع التراث العالمي، وقد أمضيتُ أكثر من ثلاث سنوات هناك بالفعل عندما ضرب الزلزال.
م.ف.: إذن كيف تدبرتِ الأمر؟ مَن كان المتعاونون معكِ؟
ي.ل.: المدهش في هذا النوع من العمل هو مقدار المساعدة التي تحصلين عليها من الجميع. حتى الأشخاص الذين لا تعرفينهم سيأتون لمساعدتكِ، وكنتُ محظوظًة جداً. وبطريقة ما نُشِر في مكانٍ ما خبر أنني كنتُ أعمل في منطقة الزلزال وجاءتْ الكثير من المساعدة على هيئة متطوعين، وطلاب العمارة، والمعماريين من جميع أنحاء العالم الذين قدموا لمساعدتي. ولكن الكثير منهم كانوا من باكستان نفسها. وهكذا استطعتُ إنجاز الأمر، حيث بدأتُ حرفياً بدون أموال، ولا موارد، ولا قوة عاملة، ولكن المساعدة تدفّقتْ، وتمكّنا من إنجاز العمل. وأعتقد أن هذا كان الأكثر أهمية من حيث تجربة التعلّم ...
كانت لديّ الكثير من خبرات التعلّم في حياتي. لكن هذا كان شيئاً مختلفاً تماماً. وفتح الباب أمام مجموعةٍ من الفرص لما يمكن القيام به وما يجب القيام به. مرّتْ حتى الآن 15 سنة من التعلّم؛ أعني، كل يوم، حرفياً، أو كل شهر، أو أيا كان. وفي كل مرة نقوم فيها بعمل ما، فهناك إمكانيات تعليمية هائلة في هذا العمل لأن هذا العالم مختلف تماماً عمّا كان يمكن للمرء أن يختبره سابقاً، خاصة كمعماري.
لقد أتيحتْ لي الفرصة للعمل مع العديد من الوكالات الدولية ومنظمات الأمم المتحدة، وشعرتُ حقاً، آه، كما تعلمين، وصلتُ ورأيتُ أن ما تم القيام به ليس هو الطريق الصحيح للمضي قدماً في العمل. فما حدث هو أنهم قرروا، أقصد النظام الخيري الدولي، أو النظام البيئي الموجود، إن شئتِ، الاكتفاء بإعطاء الأشياء للناس دون التركيز حقاً على تمكينهم من حيث مهاراتهم وقدراتهم الخاصة. وشعرتُ أن هناك نظام كامل من انعدام التنسيق. حيث تقوم إحدى الوكالات بتوفير المأوى، دون تأمين المياه. وإذا أعطتْ جهةٌ ما الماء، فإنها لن تُقدّم صقل المهارات. وإذا عملتْ جهة ما مع الأطفال فقط، أعني، كل منظمة لها مهمتها الخاصة بها وهي تعمل فقط في هذا المجال.
وكما تعرفين، عندما يحدث هذا النوع من الكوارث في باكستان، وهي واحدة من أكثر البلدان ضعفاً في العالم، بمعنى أننا نتعرّض للزلازل والفيضانات كل عام تقريباً منذ عام 2005، أو دعيني أقول، منذ عام 2010 على الأقل، وكل قرية تعاني الآن من نقص حاد. وهناك الكثير من الأنظمة الغائبة. فلا توجد بنية تحتية. ولا يوجد ماء. ولا توجد زراعة، وبالطبع لا يوجد مأوى.
لذا، شعرتُ أنه إذا تولّتْ جهةٌ ما قريةً وأنشأتْ فيها ملجأً فقط دون أي شيء آخر، فهذا لا يُحسّن حقاً حياة هؤلاء الناس لأنهم ما زالوا يعانون من نقص في العديد من المجالات. وكان يتعيّن عليّ أن أرى كيف يمكنني العمل بطريقة تكون مستدامة. لأن الجميع يتحدّث عن الاستدامة، ولكن في النهاية، بمجرّد انتهاء التمويل، لا يوجد شيء آخر للقيام به. أعني، يختتم الجميع أعمالهم ويعودون إلى منازلهم. وماذا يحدث للناس؟ لا أحد يأبه بذلك أو يهتم حقاً لأن كل شيء مكتمل على الورق في الملفات. وكل شيء موجود، كما تعلمين، لقد أنجزوا مهامهم، وأنهوا أجندتهم الخاصة، وهذا كل شيء.
شعرتُ أن هذا ليس مناسباً لبلدان مثل بلادنا، لذلك قررتُ صياغة نظام خاص بي، والذي يتعلّق بـ "العمارة الاجتماعية الحافية"، والتي لا تُوفّر لهم المأوى أو الماء أو أي شيء آخر فحسب، بل تمتلك نظاماً شاملاً وخطةً أكثر تكاملاً من حيث تمكينهم. وبالتالي فإننا نعمل وفق أسلوب المشاركة في الإنشاء، والمشاركة في البناء. فكلُّ شيءٍ قائمٌ على المشاركة، وبالتالي نستطيع تمكين الناس من أجل الاستمرار.
وبالنسبة لي، فهو نموذجٌ قائمٌ على الحقوق. فهناك حقوق معيّنة يجب أن يمتلكها الجميع، وهي غرفةٌ آمنةٌ واحدةٌ على الأقل لن تتأثّر بالفيضانات أو الزلازل، ومرحاضٌ واحدٌ على الأقل لأنه كيف يمكن للمرأة استخدام الحقول والحدائق والشجيرات ومختلف أنواع الأماكن ... كمراحيض، وهذا ليس عادلاً ... وبالمثل، فالماء حقٌ للجميع. لماذا لم يحصل الجميع على مياهٍ نظيفةٍ اليوم؟ خاصةً النساء اللواتي ستمشين لأميال فقط من أجل جمع المياه.
م.ف.: هذه رؤيةٌ شاملةٌ حقاً. حيث يفتح هذا الجانب التشاركي إمكانياتٍ مثيرةً حقاً للنساء في هذه المجتمعات. لذا، هل يمكنكِ أن تُخبرينا أكثر قليلاً عن مبادرة مواقد الشولا وتأثيرها على هذه المجتمعات وحياة النساء والأسر هناك.
ي.ل.: كانت مبادرة مواقد الشولا حقاً مثل العديد من المبادرات الصغيرة الأخرى التي اتخذناها لمحاولة رؤية كيف يمكننا تحسين حياة الناس بشكل عام. وبالطبع، حياة النساء بدرجة أكبر. ولا يمكننا فهم كيفية تأثيرها إلا بعد رؤية المستفيدين والعمل معهم. وهنا أقول مرة أخرى، وكما تعلمين، بأنني محظوظة جداً لأنه أُتيحتْ لي هذه الفرص لتجربة كل هذا بشكل مباشر.
شعرتُ أنه يجب أن يكون لديهم مكان أفضل ليتمكّنوا من الطهي. ووضعية القرفصاء على الأرض هذه هي حياة الملايين من النساء حول العالم حتى اليوم. وأعتقد أنه ربما يموت حوالي 2.5 مليون شخص بسبب الطريقة التي يطبخون بها. وأتخيّل أن نصفهم على الأقل في جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وهذا يجب أن يكون مصدر قلقٍ كبيرٍ لنا جميعاً. وفي الواقع، عليّ أن أقول أنه كان هناك الكثير من الحركات لتأمين مواقد طهي نظيفة.
أنا أُؤمن بالوصول إلى التكلفة المنخفضة، وصِفر كربون، وصِفر نفايات. وهذه هي المنهجية التي أتّبعها، أو المقولة التي اتبنّاها. ولأنني أعمل في المناطق المعرضة للفيضانات باستمرار، فهناك باستمرار خطرٌ يُنذر بوقوع جميع أنواع الضرر في حال كان هناك شيء على الأرض، لذلك فإنني أُشجّع وضع كل شيء على منصة مرتفعة، وبالتالي عملنا على هذه الطريقة المرتّبة والاقتصادية للغاية في إنشاء المنصات.
يتألّف التصميم من منصة ترابية، والتي تتكوّن في الواقع من التراب والجير، وهي مصمّمة بعناية فائقة. حيث تقومين في الواقع بإشعال النار تحت تجويف واحد وتذهب الحرارة إلى التجويف التالي وتُسخّن القدر الثاني أيضاً، ثم تذهب إلى مدخنة ويمكنكِ بالفعل غلي الماء إذا وضعتِ مقلاةً فوقها. ولأنها مرتفعة، فهي نظيفة للغاية ولا تولّد دخاناً، إلا عندما تُشعلين الوقود لأول مرة، وبعدها لا يوجد دخان على الإطلاق.
علاوةً على ذلك، فقد توصّلنا إلى أنه يمكننا في الواقع منع استخدام الكتلة الحيوية لأنها كما تعلمين تُضرّ بالظروف البيئية. لذا، ما نقوم به الآن هو صُنع قوالب من نشارة الخشب وروث البقر، لذا فنحن نعيد تكرير المخلفات. وهذا أيضاً مصدر دخلٍ للعديد من النساء اللواتي يصنعهن. لذا، فكل ما نفعله يُؤدّي بالفعل إلى نوعٍ من توليد الدخل إلى حد ما، وعلى الرغم من أنها ليست سوى مبالغ صغيرة جداً من المال، إلا أن هذه المبالغ الصغيرة تُشكّل في الواقع مبلغاً كبيراً مع مرور الزمن.
م.ف.: لقد وجدتِ طرقاً ليس فقط لحماية الكوكب، بل كذلك لإنشاء مصادر دخلٍ جديدةٍ، ووسائل تمكينٍ لهذه المجتمعات التي انخرطتِ فيها. أودّ أن أسمع المزيد عن كيفية استخدامكِ للمواد والتقنيات المحلية والشعبية. وأعتقد أن إطار الخيزران الذي طورتِه بعد زلزال 2013 في بلوشستان يُمثّل مثالاً مثيراً للاهتمام للغاية، ليس فقط من حيث التعاون مع المجتمعات المحلية، وإنما أيضاً من حيث العملية عالية السرعة التي تبدو جزءً من ضرورة التعامل مع الإغاثة العاجلة في حالات الكوارث.
ي.ل.: حسناً، أحد أهم الأشياء التي يجب أن نفعلها هو الاستعداد للكوارث. ويبدو في الغالب أنه أفقر الأشخاص هم الذين يعانون من هذه الكوارث أكثر من أولئك الميسورين لأن لديهم المزيد من الوسائل ليتمكّنوا من تجاوز أية كارثة تحدث لهم. لذا، علينا إيجاد طرق يمكننا من خلالها القيام بأشياء، تُساعد أفقر الفقراء.
وكما تعلمين، أنا أؤمن بشدةٍ بالعدالة الاجتماعية والبيئية، على حدٍ سواء. وما اكتشفته منذ أن عملتُ في التراث وأحد الجوانب الرئيسية لما أقوم به هو إجراء بحثٍ في التراث الشعبي، لذلك تعلمتُ الكثير من الطرق التي اُنجزتْ فيها الأمور سابقاً ومما يُسمّى بـِ "حكمة القرون" التي يمتلكها الناس وتنتقل من جيلٍ إلى آخر. وبالطبع، فنحن نعلم أيضاً أن الكثير من هذه المهارات التي كانت موجودة من قبل ليست بالكفاءة التي كانت عليها سابقاً، بمعنى أن بعض الأجزاء ربما قد فُقدتْ. لذا، ما نحتاج إلى القيام به الآن هو إجراء بعض التدخّلات التي ستجعل هذه المهارات مناسبةٍ لعالم اليوم بطريقة أو بأخرى، حيث نتعامل الآن مع ظروفٍ أكثر صرامة.
ولأنني أعمل في مجال التراث، فقد تعلمتُ استخدام الجير، وعندما جئتُ إلى منطقة الزلزال، كنتُ أعمل في موقع التراث العالمي المدهش في حصن لاهور حيث استخدمنا الجير. وخلال خبرة عملي كمعماريةٍ قبل ممارستي، لم أستخدم الجير أبداً، ولم أكن أعلم أبداً أن الجير يمكن أن يكون بهذه الفعّالية. وفي الواقع، يعود السبب في عدم امتلاك معظم المعماريين لأدنى فكرة عن وجود الجير هو حقيقة أنه قيل لنا جميعاً أن الاسمنت هو الدواء الشافي لكل شيء، وأنه يمكننا استخدامه في كل مكان. ولكن هنا في الحصن كان الجير هو الحل الوحيد ولا شيء آخر سواه. وهكذا، تعلمتُ استخدام الجير، وأخذتُ هذه المعرفة معي إلى منطقة الفيضان.
وعندما قمتُ بخلط الجير مع التراب، وهذا شيءٌ لم يتم التفكير فيه أو ممارسته أبداً، وجدتُ أن الجير والتراب أو التراب المخلوط مع الجير يمكن أن يكون فعّالاً جداً في العمل الإنساني، وبدأتُ في استخدامه منذ البداية. وبمجرّد دخولنا إلى منطقة الفيضان، أصبح ذلك أكثر أهمية لأنه مقاوم تماماً للماء. كما أن عملية إذابة الجير التي نقوم بها من أجل الحفظ هي ليستْ عمليةً معقدةً للغاية، إلا أنها تستغرق الكثير من الوقت لتكون مناسبة لأعمال الحفظ. وقد يستغرق الأمر أشهراً أو أحياناً سنوات حتى تتمكّن من العمل مع الجير المستقر لمقاومة الماء.
لذلك، كان عليّ أن أجد طريقةً يُمكننا من خلالها استخدامه، وبالفعل وجدنا تقنيةً للإذابة الجافة، مما يعني أنه بين عشية وضحاها يمكنكِ الحصول على الجير، والذي يمكن أن يكون مفيداً لصُنع هياكل مقاومة للماء تماماً. وفي الواقع، هناك طوب يمكنني أن أريكِ إياه إذا أتيتِ إلى ماكلي، حيث يوجد مركزي الكامل الخاص بالعمل دون انبعاث الكربون، وهذا الطوب موجود هناك منذ ثلاث سنوات أو أربع سنوات وهو منقوع بالماء الذي بالكاد أثّر عليه. إنه طوب طين الجير، وليس مصنوعاً سوى من الجير والطين.
لذا، فإن السؤال هو، لماذا يستخدم الناس، كما تعلمين، الطوب المشوي، والذي يُضرّ بالبيئة بشكل كبير، ويتطلّب قطع الأشجار والغابات، ويستخدم عمالة الأطفال في الواقع. لا يجب أن نفعل ذلك. وليست هناك حاجة لذلك لأن الطوب الجيري يمكن أن يمنحكِ بديلاً رائعاً، وهو مناسب للبيئة تماماً، وسهل الصنع كما تعلمين، ويمكن للجميع صنعه.
م.ف.: كان ذلك رائعاً. كنتُ أشعر بالفضول حيال جانب الجير من المواد التي تستخدمينها
ي.ل.: أشعر أنني بحاجةٍ حقاً إلى إيصال هذه المعلومات إلى الأشخاص الذين يعملون في هذه المناطق، ولا سيما أولئك الذين يعملون بشكل خاص مع الهياكل الترابية لأن التراب يُعاني من مشكلة التحلّل في الماء، كما تعلمين، إما عند القمة أو عند القاعدة أو في نقطة ما، حيث يتأثّر ويبدأ في التفكّك. لذا، إذا استخدموا الجير، فستجري الأمور على ما يرام حقاً. ونحن بحاجة إلى نشر هذا بالفعل بطريقةٍ ما لأنه يجب علينا التوقّف عن استخدام الطوب المشوي.
لقد سألتني أيضاً عن هياكل الخيزران المسبقة الصنع. حسناً، حدث ذلك مثلما أشرتِ في عام 2013. في الواقع، أنا آسفة، سيتعيّن علينا تصحيح التاريخ الذي ذكرتيه، كان ذلك زلزال عام 2015، الذي وقع في الشمال. أعني، كنا نستخدم أسطح الخيزران من قبل، لذا فأنتِ على صواب في قول ذلك، حيث قمنا في عام 2013 بوضع منهجيةٍ تقوم على الجدران الطينية والخيزران من أجل المرونة. أمّا عام 2015 فهو التاريخ الذي قررتُ فيه تصميم لوح مسبق الصنع. ومثل أي هيكل مسبق الصنع، كانت لديكِ عناصر مختلفة يتم تجميعها معاً في الموقع وينتهي الأمر.
كان من المدهش كيف أثار هذا الموضوع اهتمام كل هؤلاء الشباب الذين لم يكونوا يفعلون شيئاً هناك. وعندما سمعوا أن هذا يُنفّذ من أجل منطقة الزلزال، تجمّعوا جميعاً وقالوا أنهم يريدون تعلّم كيفية القيام بذلك. لذلك، فهذا شيء آخر، ففي حال قمتِ بعمل من أجل الرفاه العام أو من أجل الآخرين، فإن الناس يُريدون الانضمام، ويُريدون المساعدة. وإذا أعطيتهم قضيةً من هذا النوع، فستندهشين من مقدار حماسهم ومساعدتهم. وهذه هي الطريقة التي صنعنا بها الكثير من هذه الألواح وأرسلناها إلى شانغلا ودير السفلى، التي تقع في الشمال، حيث أعتقد أن الثلج قد بدأ في التساقط في ذلك الوقت، وبالتالي حصل المستفيدون على الحماية من الثلج وكل شيء آخر.
لكنّ ذلك كان بالنسبة لملاجئ الطوارئ، وفي وقتٍ لاحقٍ، قررتُ، خاصةً بين عامي 2017 و2018، أن نبدأ في استخدام هذا النموذج الخاص للمباني الأخرى أيضاً، حيث وجدتُ أنه من السهل جداً علينا تصنيعه تحت الإشراف، ومن ثم حزمه في مجموعات، وإرساله وإرسال شخص معه ليُعلّمهم كيفية تجميعه، وتثبيت البراغي وما إلى ذلك. وقد أصبح هذا بالفعل الدعامة الأساسية لعملنا الآن لأنه من السهل جداً تصنيعه، وهو يُوفّر فرصة كسب العيش لأبناء شعبي الذين يعيشون في ماكلي - هذه القرى الفقيرة التي كنا نعمل فيها.
وفي الآونة الأخيرة، صمّمتُ أيضاً نوعاً من جناح العزل للاستجابة لجائحة كوفيد-19، وذلك باستخدام نفس الألواح. لذا، فهناك الكثير من الأشياء التي يمكننا القيام بها باستخدام هياكل الخيزران المسبقة الصنع، حيث تتمتّع بإمكانيات هائلة.
م.ف.: أعتقد أننا يجب أن نُفكّر في الكيفية التي يُمكن فيها لهذا التجريب والتطوير الذي قمتِ به من خلال العمل على هذه الاستراتيجيات التي ابتكرتِها في لحظات الطوارئ والكوارث الطبيعية أن يُوفّر إمكانيات الحلول طويلة الأجل لقضايا أخرى وغيرها من المشكلات المستمرة.
ي.ل.: إذا جاز لي التعبير، فإنني أعتقد كما تعلمين أننا بحاجة الآن إلى التفكير في المباني والعمارة بما يتجاوز كونها مجرّد غاية بحدّ ذاتها. بالطبع، هذا مهم، لكن أعتقد أننا يجب أن نُفكّر في تأثيره أو تأثيره الأكبر على المجتمع. فعلى سبيل المثال، عندما أُصمّم شيئاً ما، فإن أهم شيء في ذهني هو كيف أُعطي الكرامة للمرأة؟ لأن هذه واحدة من القضايا الرئيسية في دولٍ مثل بلدي. لذا، عندما نقوم بالتصميم حقاً، فإنه يجب أن يتجاوز مجرّد الناتج الفعلي، وكما تعلمين، لا بدّ لعملكِ أن يكون إنشاءً مشتركاً في العديد من الطرق. وهنا تُعدّ مواقد الشولا والعديد من ملاجئي مثالاً كبيراً على ذلك. وكما أستمر في القول، فإن تصميمنا ليس سوى حبر على ورق، ثم يأتي الآخرون، وتبدئين بتجميل العمل وتضعين الألوان وتجعلين الرسم يُعبّر عن كل ما يفعلونه، وهذا ما يجعله كاملاً. وبالتالي، فإن الأمر لا يقتصر فقط على التصميم الذي قمتُ به. لذا، لم أعد مؤلِّفة أي شيء قمتُ بتصميمه، بل هو حقاً إنشاء مشترك.
م.ف.: يدفعني هذا إلى طرح سؤال ليس فقط حول تكرار أو تكييف هذه المنهجيات أو الممارسات في أجزاء مختلفة من باكستان، وإنما أيضاً كيف تُقدّم منشوراتك من خلال مؤسّسة التراث المعرفة لأشخاص آخرين لاستخدام ما تعلّمتِه من خلال تعاونك مع المجتمعات، ومن خلال تجربتكِ أيضاً. وهناك إمكانية للتكرار داخل المنطقة والدول الأخرى التي تتعامل مع نفس النوع من القضايا البيئية والكوارث المحتملة للفيضانات والزلازل، إلا أنني أتساءل أيضاً عن تجربتكِ في عرض معرضكِ في بينالي شيكاغو للعمارة 2015. هل تمّ النظر إلى هذه المنهجيات على أنها شيء يمكن استخدامه في مكان آخر؟ وما نوع الاستقبال الذي حظيتْ به ممارستكِ في منطقة الإغاثة من الكوارث على وجه الخصوص؟ وهل هناك اهتمام في تكييفها فيما يتجاوز باكستان والمنطقة؟
ي.ل.: هذا سؤال مهم للغاية يا مهناز. لأنني، كما تعلمين، عندما طلبوا مني في عام 2015 أن أعرض عملي، فُوجئتُ حقاً لأنني لم أعتقد أن أي شخصٍ سيكون مهتماً بالعمل الذي أقوم به. ولكن كما تعلمين، لقد عملتُ فقط في باكستان ولم أظن أبداً أن ما أقوم به قد يكون له إمكانية الخروج إلى أي مكان، في الواقع. وهكذا، لقد كان ذلك لطفاً منهم حقاً، وقد حصلتُ على بعض التعليقات الجيدة جداً، وعلى المعلومات التي وصلتني من خلال التعليقات. لكنني أعتقد أنه كان على الأرجح مبكّراً جداً.
وفي عام 2016، قرّر المعهد الملكي للمعماريين البريطانيين عرض عملي إلى جانب أعمال خمسة أو ستة معماريين آخرين ... وكان ذلك من أجل الكوارث مرة أخرى، وعُرِض النموذج هناك، وهو موجود الآن في مجموعة مقتنياتهم. إنه مركز المرأة المبني على ركائز مرتفعة. ومرةً أخرى، كان هناك الكثير من الاهتمام. وقد طلبوا مني إلقاء محاضرة أيضاً، ووجدتُ أن هناك بعض الشباب المهتمين حقاً بما كنتُ أقوله. لذا، كانت تلك خطوة إلى الأمام من شيكاغو إلى حد ما.
ولكن بعد ذلك في عام 2016 أو2017، وضمن إطار جائزة فوكوكا، قدمتُ محاضرة في فوكوكا وكذلك في طوكيو، حيث حظيتُ هناك أيضاً بالاهتمام، حيث قالوا، يا للروعة إنه الخيزران، يا إلهي كيف تستطيعين القيام بذلك وهلم جرا. لذا، وجدتُ أنه كان هناك اهتمامٌ متزايدٌ تدريجياً فيما بعد. وأعتقد أنني كنتُ على الأرجح في مكجيل عندما قلتُ: حسناً، لقد دعوتموني لإلقاء محاضرة، وأريد من المعماريين الشباب أن يصنعوا نموذجاً لهذا اللوح المسبق الصنع في إحدى الغرف. وبدا أنهم متحمّسون لذلك. ثم لاحقاً، أعتقد أنني كنتُ في ملبورن عندما قلتُ مرة أخرى: اصنعوا نموذجاً. وفي الواقع، كان الأمر يتعلّق بالعمارة الإنسانية وقد جذب ذلك الكثير من الاهتمام. أعني، وجدتُ أنه تدريجياً وفي جميع أنحاء العالم، كان الناس يُفكّرون في الأمر.
لكن في الحقيقة، منذ أن ألقيتُ أربع محاضرات الشهر الماضي في إنجلترا في فبراير ومارس، شعرتُ أن الاهتمام كبير حقاً في التفكير في كيفية نقل هذه المنهجيات إلى دول أخرى. وهذا أمر مدهش، وأعتقد أن جائحة كوفيد-19 ستلعب دوراً مهماً جداً في ذلك. وبالطبع، ساعدتْ جائزة جين درو أيضاً، لأنهم يُدركون إلى حدٍ ما أن العمل الذي أقوم به هو شيء قابلٌ للتطبيق العالمي. ولا يقتصر الأمر على باكستان فحسب، وعندما أتحدّث عن العدالة الاجتماعية والبيئية، فهذا أمرٌ مهمٌ للجميع حقاً.
وعندما يُصمّم المعماريون، فلا ينبغي أن يكون كل شيء متمحور فقط حول نسبة 1٪ التي يُشكّلها أصحاب الثروات، حيث يُصمّم معظم المعماريون من أجل نسبة 1٪ هذه. ودعوتي كانت منذ بداية عملي أنه يتعيّن على المعماريين التركيز على نسبة الـ 99٪ أيضاً. وما أقوله اليوم للآخرين الذين يريدون الاضطلاع بهذا العمل هو أنه يمكن أن تكون هناك هياكل هجينة. أعني أنني أعتقد أن المبادئ هي "خفض البصمة الكربونية"، وإذا كنتم تريدون القيام بذلك، فعندئذٍ حتى إذا كان عليكم القيام بهياكل مختلطة تستخدمون فيها مواد عالية الكربون، فهناك العديد من المجالات الأخرى التي يمكنكم فيها أيضاً استخدام مواد منخفضة الكربون.
على سبيل المثال، دعيني أقول أنني قد تسبّبتُ في الكثير من الضرر في حياتي، كما تعلمين، من خلال المباني عالية الكربون، لذلك، إذا كنتِ تعملين على بناء هيكلٍ من الاسمنت قائم على إطار اسمنتي أو إطار فولاذي، فهذا مقبول لأنك تبنين ناطحة سحاب وأنتِ بحاجة إلى ذلك. ولكن داخلياً، فهناك عناصر لا تحمل حِملاً، فلما لا تستخدمين الطين والطوب أو ألواح الجبس أو الأرضيات التي يمكن أن تكون من الخيزران أو من العديد من العناصر الأخرى التي يمكنكِ استخدامها. لذا، ليس الهدف هو أن يُكرّر الناس تجربة مواقد باكستان الترابية، أو هياكلي المصنوعة من الخيزران المسبق الصنع، والملاجئ الخضراء، وإنما الهدف هو أن يبتكروا بأنفسهم مستخدمين نفس النوع من المبادئ.
وهنا يكمن المستقبل بالفعل، لأنه الآن، وبالنظر إلى الفوارق التي ستكون أكبر بكثير عندما نخرج من حالة الحظر العام هذه، كما تعلمين، فعندها يجب علينا جميعاً التفكير فيما يتعيّن علينا القيام به. ويجب على المعماريين، بوصفهم حماة البيئة العمرانية، كما تعلمين، أن يفعلوا أكثر من أي شخص آخر. لذا، نحتاج حقاً إلى تغيير الطريقة التي سنقوم فيها بالتصميم في المستقبل.
م.ف.: لا أستطيع أن أتخيّل طريقةً أفضل من هذه للتحدّث مع جميع المعماريين الشباب وطلاب العمارة في هذه اللحظة، والذين سيخرجون في الشهرين المقبلين إلى عالم متغيّر تماماً، عالمٍ لا يمكن فيه نقل المواد بالطريقة القديمة نفسها، ولا يمكنهم هم أنفسهم التحرك بالطريقة التي اعتدنا عليها في حياتنا، ونأمل أن تتكوّن لدينا بعض المعرفة حول كيف كان هذا الإقفال العام شيئاً إيجابياً أيضاً.
ي.ل.: دعيني أضيف شيئاً إضافياً حول هذا الموضوع لو سمحتِ، وهو أنه بينما كنا نجلس أثناء هذا الحظر العام كما تعلمين، كنا نُفكّر كثيراً، واستنتجتُ أن هناك الكثير من الإنجازات التي قمنا بها، كما تعلمين، ولكن هذا ليس كافياً لأن مستويات الفقر في باكستان نفسها مرتفعة للغاية وسوف ترتفع أكثر الآن. ويجب أن أنقل رسالتي بطريقة ما إلى كل مكان.
م.ف.: تمتدّ مسؤوليتكِ الاجتماعية إلى هذا العمل، أليس كذلك؟ إلى هذه النقطة حيث تلتزمين بمشاركة معرفتكِ من خلال هذه الوسائل المختلفة، سواء كانت محاضرات أو منشورات أو أياً كان. والمسألة هي جعلها في متناول أكبر عددٍ ممكنٍ من الجمهور.
ي.ل.: أعتقد أنها ستكون بنفس الطريقة لنكون قادرين على تجاوز الأوقات الصعبة التي سنمر بها. وهكذا، فنحن نعمل حالياً على كيفية توفير التدريب والتدريب عبر الإنترنت للمعماريين على وجه الخصوص، حتى يتمكّنوا من فهم طبيعة هذه المواد، وهم بالطبع لديهم الحرية في استخدامها كما يحلو لهم، ولكن على الأقل سيُطوّرون فهماً لكيفية استخدامنا لها أو سأقوم بتجربتها معهم.
وفي الواقع، يُدير معهد المعماريين في باكستان، فرع روالبندي / إسلام آباد، في هذه الأيام برنامج محاضرات افتراضي أتحدّث فيه عن كل هذه القضايا. لذا، أعتقد أننا بحاجة للحديث عنها بقدر ما نستطيع لأنني أعتقد أن العالم سيحتاج إليها.
(الهوية البصرية بإذن: ترينالي الشارقة للعمارة، الصورة بإذن: ياسمين لاري، تقنية التسجيل الصوتي: Blue Dot Sessions)