مينا اخوان، زميلة بحث في دراسات ما بعد الدكتوراه، وأستاذة مساعدة في مجال التصميم والتخطيط الحضري في قسم العمارة والدراسات الحضرية بجامعة بوليتيكنيك ميلانو (الجامعة متعددة التقنيات)، حيث نالت هناك درجة الدكتوراه في التخطيط المكاني والتنمية الحضرية عام 2015، وقدمت أطروحة الدكتوراه عن مدن الموانئ والبنى التحتية للموانئ وأثرها على التنمية الحضرية. وتركز أبحاثها على أنماط العولمة المنتشرة وشبكة الخدمات اللوجستية المرتبطة بالعمران، والتحضر الوطني الانتقالي، والاقتصاد التشاركي، ومواقع العمل جديدة النشأة. ونشرت أخافان العديد من الأبحاث والمقالات في مجلاتٍ متخصصة، وألفت كتاب: "جغرافيا الموانئ وديناميكية تنمية الأراضي الساحلية - Port Geography and Hinterland Development Dynamics" (صدر عن دار Springer). وهي عضو في اللجنة الإدارية (لإيطاليا) في منظمة كوست 18214 لإجراءات التكلفة الأوروبية، ضمن مشروع "جغرافيا مساحات العمل الجديدة والتأثير على الحدود الخارجية" (2019 – 2023). كما أنها عضو في هيئة تحرير مجلة التخطيط الحضري Urbanistica التي تصدر باللغتين الإيطالية والإنجليزية.
نص الحلقة:
د.م.: مرحباً جميعاً، معكم ديان مهنّا، معمارية ومنسّقة برامج في ترينالي الشارقة للعمارة. يسرّني أن أُرحّب معكم بالدكتورة مينا اخوان التي تنضم إلينا اليوم في السلسلة الثالثة من برنامجنا "حوارات ترينالي الشارقة للعمارة"، بعنوان "عمارة وأكثر: البنية التحتيّة". سأبدأ حوارنا بسرد مقدّمة قصيرة عن مينا اخوان، وهي زميلة أبحاث في دراسات ما بعد الدكتوراه وأستاذةٌ مساعدةٌ في مجال التصميم والتخطيط الحضري في قسم العمارة والدراسات الحضرية بجامعة بوليتيكنيك ميلانو (الجامعة متعددة التقنيات)، حيث نالت هناك درجة الدكتوراه في التخطيط المكاني والتنمية الحضريّة في عام 2015. وقد ركّزتْ أطروحة الدكتوراه التي قدّمتها على مدن الموانئ، والبنى التحتيّة للموانئ، وتأثيرها على التنمية الحضريّة. وتركز أبحاثها على أنماط العولمة المنتشرة وشبكة الخدمات اللوجستية المرتبطة بالعمران، والتحضر الوطني العابر للحدود، والاقتصاد التشاركي، ومواقع العمل جديدة النشأة. وقد انشغلت في الآونة الأخيرة في العمل على مشروع بحثي يتعلّق بالتنقل والشيخوخة. ونشرت أخافان العديد من الأبحاث والمقالات في مجلاتٍ متخصصة، وألفت كتاب: "جغرافيا الموانئ وديناميكية تنمية الأراضي الساحلية" (الذي صدر عن دار سبرينغر، 2020)، كما أنها عضو في هيئة تحرير مجلة التخطيط الحضري إربانيستيكا Urbanistica التي تصدر باللغتين الإيطالية والإنجليزية. مرحباً مينا.
م.أ.: أهلاً وسهلاً.
د.م.: شكراً لانضمامكِ إلينا من ميلان. وإنه لمن دواعي سروري أن تكوني معنا اليوم.
م.أ.: شكراً لكِ على منحي هذا الوقت لأكون معكم، يسعدني ذلك.
د.م.: لنبدأ بالحديث عن سياق عملكِ. ما هي الدوافع التي دفعتكِ إلى دراسة مدن الموانئ في الشرق الأوسط وتطوّرات بنيتها التحتيّة؟
م.أ.: يعود اهتمامي بدراسات مدن الموانئ إلى عام 2011، عندما بدأتُ العمل على أطروحة الماجستير والتي تبحث في الواجهات المائيّة الحضريّة الجديدة في بعض مدن الموانئ الأوروبيّة في الفترة ما بعد الصناعيّة. ولكن لاحقاً، ومن خلال دراستي للأدبيّات الواسعة جداً حول جغرافيا الموانئ ودراسات مدن الموانئ بشكل عام، اكتشفتُ أن هذه الدراسات مستمدّة في الواقع من العالم الغربي والدول سريعة النمو في الشرق الأقصى، مثل الصين. لذلك، اكتشفتُ هذه الفجوة الجغرافيّة في دراسات وأبحاث مدن الموانئ، وكان هذا أحد الدوافع الرئيسيّة التي حثتني للاستكشاف بهدف فهم ماذا يحدث في عالم الشرق الأوسط أو غرب آسيا. وفي هذه المنطقة (وهي كذلك المنطقة التي أنتمي إليها، حيث شكّل هذا دافعاً آخر بالنسبة لي)، كانت هذه الدول العربية سريعة التطوّر – العالم العربي في الخليج العربي – مثيرة جداً للاهتمام لأنها أصبحتْ من الدول الرائدة الرئيسيّة ولها مكانتها على الساحة العالميّة، وذلك ليس فقط فيما يخص سلسلة التوريد العالميّة، وإنما من ناحية المستثمرين والوسطاء الرئيسيين لتدفق السلع العالميّة.
لذلك، وفي معرض عملي لدراسات الدكتوراه، أُتيحتْ لي هذه الفرصة لمعالجة القضايا المعقّدة المتعلّقة بالتفاعل بين المدن وتطوّر الموانئ في هذه المنطقة، والتي اخترتْ منها دبي لتكون دراسة الحالة الرئيسيّة. وجاء اختياري هذا استناداً إلى حقيقة أن دبي قد وصلتْ بالفعل إلى هذا المستوى من التطوّر والذي يمكننا في الواقع مقارنته بـ "مدن الموانئ الأساسية العالميّة"، مثل سنغافورة في الشرق أو غيرها في الغرب.
وأصبحتْ قِصّة هذا الموقف المتغيّر لموانئ دبي ضمن منظومة الموانئ البحريّة الإقليميّة، وتحوّلها إلى مركزٍ أساسي ليس فقط على مستوى المنطقة وإنما عالمياَ، مثيرةً جداً للاهتمام بالنسبة لي. علاوةً على ذلك، ونظراً لأن تطوّر مدن الموانئ هذه – والتي تطوّرتْ من قرى صيدٍ صغيرةٍ إلى مدنٍ ساحليّةٍ رئيسيّةٍ – قد حدث في العالم الغربي على مدى قرون، في حين حدث هذا التحوّل في دبي في غضون أقل من 40 عاماً، فإنه من السهل بالنسبة لنا وللمخطِّطين الحضريين والمهتمين بالدراسات الحضريّة تتبّع مراحل التطوّر المختلفة.
د.م.: هل يمكنكِ توضيح الجانب متعدّد التخصّصات لمنهجيّة البحث الخاصة بكِ وتزويدنا بأمثلةٍ حول نوع الخبراء الذين تتعاونين معهم؟
م.أ.: يجب أن أقول إنني أنشأتُ بالطبع أساساً نظرياً يعتمد على الأبحاث والدراسات، ولكن ما اكتشفته لاحقاً هو أن هذه الأبحاث كانت منحازةً إلى حدٍ كبير مع الدراسات أحاديّة التخصّصات، لذلك حاولتُ جاهدةً تطبيق السياقات متعدّدة التخصّصات والمنهجيات المتنوعة، حيث أمزج بعض الأساليب النوعيّة والكميّة المستمدة من التخطيط الحضري، والجغرافيا، والاقتصاد الحضري، وتخصّصات الدراسات الاجتماعيّة. ولكي أكون أكثر تحديداً، فإنّ مشرفي في الدكتوراه هو عالم جغرافي اقتصادي، مما فتح لي الباب على عالمٍ جديد، وأُتيحت لي الفرصة للعمل مع البيانات الضخمة، ومحاولة العمل بأساليب أكثر تطوّراً. كما سنحتْ لي الفرصة لزيارة المركز الوطني للبحث العلمي في باريس، وهو مركز أبحاثٍ مهمٌ للغاية: فجميع الباحثين هناك هم جغرافيون، وبالتالي فهم يستخدمون بالفعل أنواعاً أخرى من الأساليب والمنهجيّات مقارنةً مع خلفيتي العلمية، العمارة والتخطيط الحضري.
د.م.: إذا نظرنا إلى موانئ الشرق الأوسط، وبشكل أكثر تحديداً، في موضوع التجارة البحريّة في منطقة شبه الجزيرة العربيّة، ما هي مدن الموانئ التي لها دورٌ رئيسي ضمن الشبكة الإقليميّة اليوم؟
م.أ.: حسناً، هذا السؤالٌ سهلٌ جداً لأن جزءاً كبيراً من دراستي كان مهتماً بهذا الموضوع. ولكن عندما أتحدّث عن الموانئ، فيجب أن أقول أولاً وقبل كل شيء، أنني ركّزتُ بشكل أساسي على موانئ الحاويات الضخمة. ولنبدأ من منظورٍ عالميٍ أكثر، حيث تتنافس موانئ الحاويات في جميع أنحاء العالم لتوسيع سعتها بهدف مواكبة احتياجات ومتطلّبات التجارة سريعة النمو للشحن الإقليمي، وتطوير الموانئ، وما إلى ذلك.
وفي الواقع، فإن جزءاً من منطقة الشرق الأوسط، وخاصة البلدان التي تتمتّع بعائدات النفط، يُركّز في المقام الأول على استراتيجيّة تطوير الموانئ الضخمة. وبشكل أكثر تحديداً، عندما نتحدث عن دول مجلس التعاون الخليجي، فإننا نرى أنها تستثمر عائداتها النفطيّة بكثافة في زيادة تطوير البنى التحتيّة للموانئ، وتطوير المناطق التجاريّة، والمجمّعات الصناعية بهدف تعزيز التجارة، وخلق فرص العمل، وتنويع الاقتصاد غير القائم على النفط. وهذا مهم جداً بالنسبة لهذه البلدان. لذلك، وبوصفها مركزاً تجارياً إقليمياً، استثمرت موانئ دولة الإمارات، وفي مقدّمتها ميناء جبل علي (وهذه البيانات حتى عام 2013) مبلغاً قدره 8.6 مليار دولار في مشروع توسعة مرافق الموانئ. وبفضل مينائها وبنيتها التحتيّة الراسخة، استحوذتْ دولة الإمارات على 50٪ من مستوردات دول مجلس التعاون الخليجي و30٪ من صادراته.
وهنا أريدُ أن أعود قليلاً في التاريخ – فما سأقوله لا يعود لعهد قريب وإنما يعود إلى الثمانينيات – فقد برزت دبي مؤخراً. ولكن قبل ذلك، كان لدينا بشكل أساسي الموانئ السعوديّة التي كان لها دور رئيسي؛ حيث تولّى ميناء جدة وميناء الدمام – وهنا أتحدّثُ عن منتصف الثمانينيات – إدارة حوالي 40 إلى 50٪ من إجمالي تدفقات السلع التي تدخل إلى المنطقة. ولكن لاحقاً، وبدءاً من منتصف التسعينيات فصاعداً، بدأتْ الشبكة الإقليميّة تتغيّر، وبرزت موانئ دبي – في البداية، كان ميناء راشد وميناء جبل علي يعملان معاً، ومن ثم احتل ميناء جبل علي الصدارة؛ حيث يتحكّم اليوم بحوالي 40٪ من حركة المرور. أما الموانئ التي تحلّ في المرتبة الثانية بعد موانئ دبي، فهي ميناء جدة في المملكة العربيّة السعوديّة، ومن ثم ميناء صلالة في عُمان، وكذلك ميناء الشارقة، وميناء خورفكان، وميناء الملك عبد الله عزيز الجديد في الدمام وما إلى ذلك. وهذه هي أهم الموانئ.
د.م.: لقد وصفتِ مدن الموانئ في الإمارات العربيّة المتحدة، وسلطنة عُمان، والمملكة العربيّة السعوديّة بأنها جهات فاعلة رئيسيّة في التجارة الإقليميّة. وأودُّ أن أسألكِ ما هي الخصائص التي تسمح لمدن الموانئ أن تكون أكثر تنافسيّة من غيرها؟
م.أ.: مرةً أخرى، أودُّ أن أُشير إلى موانئ دبي. وإحدى الكلمات الرئيسيّة التي تُطرح هنا هي رؤيّة القائد نحو صنع هذا المركز المحوري. ويبدو أن المبادرات الحكوميّة، إلى جانب استراتيجيّات وضع هذه المشاريع ضمن السياق العالمي، يمكن أن تكون فعّالة في جذب الاستثمارات الأجنبيّة المباشرة للنمو المحلي وتعزيز مكانتها كمركز محوري إقليمي وعالمي لإعادة الشحن والخدمات اللوجستيّة. وإذا كان عليّ تلخيص بعض النقاط الرئيسيّة، فيمكنني بالتأكيد ذكر الموقع الاستراتيجي على مفترق الطرق لخطوط الشحن الرئيسيّة، حيث أن الاستخدام التجاري هو نقطةٌ رئيسيّةٌ هنا، إلى جانب توفير البنى التحتيّة الحديثة. ونحن لا نتحدّث فقط عن الموانئ البحريّة وإنما كذلك عن اقترانها بالمطارات والبنى التحتيّة الأخرى ذات الصلة بالتجارة. ويُعدّ هذا التنويع والنمو في الاقتصاد، والتجارة الدوليّة المتناميّة، والصناعات ذات القيمة المضافة، وإنشاء مناطق التجارة الحرّة، والتوسّع الحضري المتزايد، والنمط الديموغرافي متعدّد الجنسيات الذي نراه في دولة الإمارات اليوم من العوامل الداعمة الرئيسيّة. ومن ثم يأتي موضوع تطوير القدرات اللوجستيّة متعدّدة الوسائط؛ وبالطبع، أخيراً وليس آخراً، الدور النشط الذي تلعبه الحكومة والمؤسّسات العامة المختلفة. لذا، فإن دور المؤسّسات هنا مهمٌ للغاية - وأودّ أن أقول إنه مهمٌ إلى أقصى الحدود، حيث أن الاقتصاد السياسي الذي رأيناه والسياسات القويّة التي طُبِّقتْ في هذه الدولة، الدولة والمدينة، هو عنصرٌ حاسم.
د.م.: بالنظر إلى سياق المبادرات الحكوميّة والاستثمار في البنيّة التحتيّة الحديثة في دبي، كما أوضحتِ للتو، فإنني أودّ أن أعود إلى المصطلح الذي غالباً ما تستخدمينه في كتاباتكِ لوصف تطوّر دبي، وهو "نموذج دبي". هل يمكنكِ توضيح ما تعنيه بهذا الوصف؟
م.أ.: بدايةً، يجب أن أُؤكّد حقيقة أنني لم أكن أول مَن استخدم مصطلح "نموذج دبي"، بل استخدمه أيضاً باحثون آخرون من مختلف التخصّصات (معماريون ومؤرّخون). وهنا أودُّ أن أشير إلى مارتن هفيدت، حيث كان كتابه الصادر في عام 2009 تحت عنوان "نموذج دبي: مخطّط تفصيلي لعناصر عملية التطوير الرئيسيّة في دبي" مصدرَ إلهام لي. وفي الحقيقة، فإنّ ما ينقص العديد من هذه المنشورات هو التركيز على الدور المهم للميناء باعتباره "العمود الفقري" لتطوير المدينة. لهذا فإنني أحاول استخدام هذا الموضوع لفهم إمكانية وجود مثل هذا النموذج أو النمط من التطوير. وفي مناطق أخرى مثل الغرب وآسيا، لدينا نموذج تطوير مدن الموانئ هذا، ولكن ما كان ناقصاً هنا هو نموذجٌ عن الشرق الأوسط. لذلك فإنني أحاول سدّ الفجوة في الأدبيّات المتوفّرة حول هذا الموضوع.
د.م.: هل يمكنكِ وصف نمط التطوير المكوّن من أربع مراحل والذي تستخدمينه لتمثيل تطوّر دبي من مركز تبادل تجاري في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي إلى مدينة الميناء المحوريّة العالميّة منذ عقد الـ 2000 وما بعده؟
م.أ.: لقد أوجزتُ بالفعل هذا النموذج الذي يحتوي على أربع مراحل. وأريدُ أن أكون أكثر تحديداً بشأن ما يعنيه هذا: فالموضوع يتعلّق بهذه العلاقة المتبادلة بين تطوّر الميناء والمدينة على مدار الوقت، حيث حاولتُ تتبّع هذا التطوّر بدءاً من دبي كقرية صيد وظهور ميناءٍ حرٍّ في القرن العشرين وحتى منتصف الخمسينيات. ومن ثم تطورّها لتُصبح "مدينة الميناء التجاري" في الستينيات أو السبعينيات، وفي المرحلة الثالثة أصبحت "مدينة الميناء المحوريّة لإعادة الشحن" التي بدأت في الثمانينيات وحتى التسعينيات، والمرحلة الأحدث هي "مدينة الميناء المحوريّة اللوجستيّة" وذلك بدءاً من منتصف عقد الـ 2000 وحتى وقتنا الراهن. لذا، فإن استخدام هذه النمذجة المفاهيميّة سيُساعدنا على فهم هذا التطوّر - وهذا التغيير في طبيعة هذه العلاقة بين الميناء والمدينة عبر الزمن. وفي الواقع، إن هو السبب وراء استخدام الجغرافيين الاقتصاديين لهذه الأنواع من النماذج المفاهيميّة، والتي أحاول تطبيقها في حالة دبي.
بالنسبة لي، يتميّز هذا النموذج بشكل أساسي بالتدفق الهائل لعائدات النفط المستثمرة في البنية التحتيّة الحديثة للنقل بما في ذلك الموانئ البحريّة من ناحية، وكذلك تطوير الميناء الحر إلى مناطق تجارة حرّة متنوعة تسمح بالاستثمارات الأجنبيّة المباشرة من ناحيةٍ أخرى. كما أرى أن نموذج التطوير هذا مدفوعٌ بالبنيّة التحتيّة القائمة على التجارة، وهو نموذجُ التطوير القائم على علاقةٍ متبادلة. علاوةً على ذلك، فإنني أرى أن الميناء كان تاريخياً بمثابة العمود الفقري للتنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة وزيادة مستوى التجارة الدوليّة، بدءاً من تجريف الخور وانتهاءً ببناء ميناءين رئيسيين ضخمين للغاية من صنع الإنسان، والمناطق الناشئة خلف الميناءين، وهي جميعها عناصر أساسيّةً في تنويع الاقتصاد وإنشاء مدينة محوريّة لوجستيّة.
د.م.: إذاً، للعودة إلى العلاقة بين الميناء والمناطق الناشئة خلفه، أودّ التركيز على منطقة جبل علي التي تتكوّن من ميناء جبل علي ومنطقة التجارة الحرّة المجاورة. هل يمكنكِ وصف كيف ساهم نمو المنطقة الحرّة في تطوير جبل علي ليصبح مركزاً محورياً لإعادة الشحن؟ وهل لكِ أن تعطينا فكرة عن هذا النمو وتشرحي لنا مفهوم "الحصانة المحليّة" الذي يُعدّ جوهرياً في المناطق الحرّة.
م.أ.: إن قِصّة تطوّر منطقة جبل علي والمنطقة الحرّة بشكل عام هي معقّدةٌ بالفعل. كما يجب أن أُؤكّد على حقيقة أنه عندما نتحدّث عن جبل علي، يجب ألا ننسى أنه بُني ليكون الميناء الثاني في دبي، وهو في الواقع ميناءٌ ضخمٌ؛ حيث كان لدينا قبل ذلك ميناء راشد، الذي بُني في عام 1972. ولكن مع مرور الوقت (وهناك الكثير من القصص المثيرة للاهتمام حول هذا الموضوع والتي يمكنكم الاطلاع عليها في كتابي حيث تناولتُها بالتفصيل) وبدءاً من منتصف الثمانينيات، كان ميناء راشد ما يزال أحد الموانئ الرئيسيّة في المنطقة، إلا أنه فقد تدريجياً حركة وأنشطة الحاويات لصالح ميناء جبل علي الجديد في ذلك الوقت، والذي بُني في نهاية السبعينيات، في عام 1979. بعدها احتفظ ميناء راشد بجزء من تدفقات البضائع العامة حتى عام 2008، حيث أُغلق رسمياً أمام عمليّات الشحن البحري. وعندما بُني ميناء جبل علي في ذلك الوقت، لم يكن هناك شيء في تلك المنطقة على حدود دبي، حيث كانت صحراء كاملة. وبالتالي فقد كان بمثابة المحفّز لتطوير المدينة برمّتها. وإذا أردتُ أن أكون أكثر تحديداً، وبالنظر إلى المبادرات الرئيسيّة التي قادتها الحكومة وأدّتْ إلى هذا التطوّر، فيجب أن أُقسّمها إلى "بنى تحتيّة رئيسيّة"، و "بنى تحتيّة فرعيّة"، و "مؤسّسات قائمة على التجارة واللوجستيّات".
وهنا أُريد أن أُؤكّد أنه لدينا في هذه المنطقة، أولاً وقبل كل شيء، الميناء، ومن ثم لدينا منطقتان للتجارة الحرّة (شمال جبل علي وجنوبه) واللتان بُنيتا أيضاً في حوالي منتصف الثمانينيات، وتضمّنتْ وظائفهما الرئيسيّة تفريغ البضائع، والتخزين، والخدمات اللوجستيّة، والتصنيع التجاري، والخدمات المقدّمة لكبرى الشركات المحليّة والإقليميّة والدوليّة. وفي الواقع، فهناك تطوّرٌ آخرٌ مهمٌ للغاية في تلك المنطقة، والذي ساعد في دفع جبل علي إلى مستوى آخر، ألا وهو مجمّعُ المطار الجديد (الذي حمل سابقاً اسم دبي وورلد سنترال) وأُطلق في عام 2006 وسط مشروع التطوير العمراني متعدّد الوظائف هذا الذي تبلغ مساحته 140 كيلومتراً مربعاً. وبالتالي لدينا مطار آل مكتوم الذي افتُتِح في عام 2010 لاستقبال دفعات الشحن، والآن هذه المنطقة التي تُسمّى دبي الجنوب – أنا متأكّدةٌ من أنكِ تعرفين هذا الموضوع – حيث لدينا هنا منطقةٌ حرّةٌ ضخمةٌ تشمل الشركات والمنظمات العاملة في صناعات الطيران والخدمات اللوجستيّة. وفي الأصل، ضمّتْ الخطة الرئيسيّة (والتي نُقِّحتْ وعُدِّلتْ عدّة مرات حتى الآن) اسم "مدينة مطار جبل علي"، والتي تُسمّى الآن دبي الجنوب، وتعمل مع منطقة التجارة الحرّة بجبل علي وميناء جبل علي، حيث نُسمّي هذا "ممراً لوجستياً متعدّد الوسائط".
ولا بدّ لي من التأكيد على حقيقة أن جبل علي وُلِد في الأصل كمنطقةٍ صناعيّة (وهذا ما نعرفه من دراسة وثائق التخطيط)، ويضمن موقع وإنشاء الصناعات على مقربة من الميناءين البحريّين الرئيسيّين خفض التكاليف، وذلك بناءً على البيانات المتعلّقة بكميّة ونوع حركة السلع التي يتم التعامل معها في الميناءين، ونوع البضائع وكيفيّة تفريغها (مثل البترول أو حاويات البضائع العامة وما إلى ذلك). وكل ما ذكرتُه هو فقط لإعطائكِ مثالاً بسيطاً عمّا نتحدّث عنه، إلا أننا نعلم أن هذا الميناء متخصّص في حركة مرور الحاويات، والتي تُشكّل 70٪ من حركة المرور.
د.م.: هل يمكنكِ أن تشرحي لنا ما هو الممر اللوجستي متعدّد الوسائط؟ وهل لكِ أن تُخبرينا كيف سمح ذلك لدبي بأن تُصبح مركزاً بحرياً عالمياً.
م.أ.: بالطبع، يُطلق عليه اسم "ممر دبي اللوجستي" والذي افتُتِح في عام 2010 بالاستناد إلى رؤيةٍ تقوم على ربط البحر والبر والجو على مساحةٍ تمتد قرابة 200 كيلومتر مربع. كما تقوم الرؤية على استضافة حوالي 10,000 شركة مع أكثر من 300,000 موظف، وهو ما كان الأول من نوعه في العالم من أجل إنشاء هذا "الممر اللوجستي". وتُشكّل العناصر المختلفة التي أشرتُ إليها سابقاً، وهي الميناء، ومنطقة التجارة الحرّة، والجزء الجنوبي من المنطقة (دبي الجنوب)، هذا الممر اللوجستي الذي يُعدّ أحد العناصر الرئيسيّة التي تسمح لدبي بأن تُصبح منافساً إقليمياً ومركزاً محورياً لوجستياً، ليس فقط على المستوى الإقليمي، وإنما أيضاً على المستوى العالمي.
وبالعودة مرةً أخرى إلى سؤالكِ حول كيف كانت المنطقة الحرّة بجبل علي قوةً دافعةً أو قطب نموٍ لتطوير المدينة، فإنه يتعيّن عليّ القول بأن القرار اتُّخذ بتحديد موقع المنطقة الحرّة بجبل علي لتكون مشروع منطقةٍ حرّةٍ رائدة: حيث تُقدّم المدينة للشركات الأجنبيّة وصولاً سهلاً إلى مرافق الأعمال الرئيسيّة المتعلّقة بالأنشطة البحريّة، وتمنحها إمكانية الملكيّة الأجنبيّة بنسبة 100٪ - وكانت هذه هي النقطة الأساسيّة. بالطبع، كانت هذه المحاولة الأولى لتطوير الميناء، والمناطق الواقعة خلفه، والخدمات اللوجستيّة؛ وعلى حدّ قول رئيس مجلس إدارة شركة دبي للموانئ العالميّة، يلعبُ ميناء جبل علي "دوراً محورياً في تمكين التجارة الدوليّة" حتى تتمكّن الشركات العاملة في هذا المجال من استيراد وتصدير بضائعها ومنتجاتها إلى مختلف دول المنطقة.
ونحن نعلم أنه لدينا الآن في دبي (حسنًا، بياناتي قديمة بعض الشيء وتعود لعام 2015) 22 منطقةً حرّة أخرى نشطة. وربما سمعتِ عن مجمّع دبي للتكنولوجيا، ومدينة السيليكون، والمنطقة الصناعيّة وما إلى ذلك، ومن المعروف أنها جميعها تُحاكي فكرة المنطقة الحرّة بجبل علي؛ حيث تشكل معاً هذه المدينة القائمة على فسيفساء من المدن، وما أُسمّيه أيضاً "نظام انتشار" مناطق التجارة الحرّة بهدف تطوير وتنمية الصحراء. وفي الواقع، كانت دبي من أُولى المدن في دول مجلس التعاون الخليجي التي أنشأت هذه المناطق الحرّة ذات التوجّه التجاري كمناطق تنظيميّة مع مستورداتٍ معفاةٍ من الرسوم الجمركيّة، وملكيّةٍ أجنبيّةٍ كاملةٍ للشركات والأعمال. وحتى من خلال رسمي لخرائط هذه المنطقة، يمكنكم إدراك كيف ساعدت هذه الفسيفساء من المناطق الحرّة في تطوير المدينة من منطقة جبل علي باتجاه الجزء التاريخي، المعروف باسم الخور ومنطقة ميناء راشد.
د.م.: ما هي العلاقة بين ميناء راشد وجبل علي اليوم؟ هل يلعبان أي نوعٍ من الأدوار التكميليّة؟
م.أ.: ليس كثيراً. لماذا قررتْ دبي تطوير ميناءٍ آخر بعيداً عن وسط المدينة؟ لأن ميناء راشد كان مزدحماً للغاية، كما أصبحت حركة المرور القادمة إلى وسط المدينة أكبر من القدرة المتاحة للتحكّم بها. لذلك كان هذا هو السبب الأول وراء قرارهم بدفع هذا النوع من الأنشطة بعيداً قليلاً عن وسط المدينة. لذلك، لا، لا يوجد تعارض بينهما لأنهما يقومان بأنشطة بحريّة مختلفة تماماً: فميناء راشد الآن نشط فقط للوظائف السياحيّة: فهو مفتوح فقط للسفن السياحيّة والأنشطة التجاريّة الصغيرة ذات الصلة.
د.م.: ناقشنا البنية التحتيّة الحديثة واللوجستيّات متعدّدة الوسائط، ولكن ماذا عن المشغّلين أو الشركات التي تُشغّل هذه المنصّات اللوجستيّة؟
م.أ.: لدينا على سبيل المثال شركة موانئ دبي الدولية وسلطة موانئ دبي واللتان اندمجتا لتطوير شركة موانئ دبي العالميّة. ويُعدّ جبل علي المشروع الرائد لشركة موانئ دبي العالميّة، إلا أنه يقوم الآن بأداء دور لاعبٍ دولي. ولا أعرف ما إذا كنتِ تريدينني أن أتعمّق في هذه النقطة أيضاً.
د.م.: نعم، هل يمكنكِ أن تصفي لنا كيف أصبحتْ شركة موانئ دبي العالميّة شركةً عالميّةً رائدةً في مجال تشغيل الموانئ تضم 78 محطةً بحريّةً وداخليّةً عاملةً في جميع أنحاء العالم. وما هي الأنشطة الرئيسيّة الأخرى للشركة على المستوى الدولي؟
م.أ.: مرةً أخرى، هذا موضوعٌ آخرٌ مثيرٌ للاهتمام وأعتقد أنه يجب دراسته أكثر لأننا نعرف القليل فقط عن تأثير هذه الشركة الدوليّة القويّة جداً في مجال تشغيل الموانئ وعملها على نطاق عالمي. متى بدأتْ؟ نعلم أن شركة موانئ دبي الدوليّة، وهي شركةٌ تابعةٌ مملوكةٌ بالكامل للحكومة، قد تأسّستْ في عام 1999 مع أول مشروع أجنبي لها، وهو ميناء جدّة الإسلامي في المملكة العربيّة السعوديّة. لذلك، فقد بدأ كل شيء من هناك، حيث بدأت الشركة في التوسّع أولاً في المنطقة، ومن ثم في جميع أنحاء العالم. وبعد مُضيّ عام تقريباً، حوالي عام 2000، تولت شركة موانئ دبي الدوليّة مهمة إدارة ميناء جيبوتي، ولكن ليس فقط الميناء بل كذلك المطار، بالإضافة إلى إدارة الميناء البحري، وعمليات الحاويات، والخطوات اللوجستيّة.
ويجب أن نعرف أنه عندما تأتي شركة موانئ دبي العالميّة (التي كانت تُسمّى آنذاك شركة موانئ دبي الدوليّة، حيث تغيّر اسمها بدءاً من 2005 ليُصبح شركة موانئ دبي العالميّة... وسأشرح كيف حدث ذلك) إلى منطقة ما، فإنها ستدير البنية التحتيّة، فهي إما تقوم بالإدارة فقط، أو تتعاون من خلال المساهمة في الاستثمار على نحو أشبه بالتطوير الهندسي للميناء، والذي يمكن أن يستند إلى بعض الاتفاقيّات. حيث يمكن أن تكون اتفاقيّة لمدة 30 عاماً، على سبيل المثال. ونحن نعلم أن البصمة العالميّة التي وسّعتها الشركة توجّهتْ نحو الهند في عام 2002، وكوستانزا في رومانيا في عام 2003، وما إلى ذلك. إضافةً إلى ذلك، فقد كانت هناك خطوةٌ أخرى مهمة في استراتيجيّات التطوّر العالمي في عام 2005، وذلك عندما اشترتْ شركة موانئ دبي الدوليّة شركة المحطات العالمية سي إس إكس وورلد تيرمينالز التي تتّخذ من شمال كيرالا مقراً لها، والتي كانت شركةً رائدةً عالمياً في مجال تشغيل محطات الحاويات في ذلك الوقت، بما في ذلك في آسيا وأمريكا الجنوبيّة. وبفضل هذا الاستحواذ، أصبحتْ دبي واحدةً من أفضل ستّة مشغلين عالميين للمحطات.
ونحن نتحدّث هنا عن عام 2005، وفي ذلك الوقت تَشكّل الكيان الذي نعرفه اليوم باسم شركة موانئ دبي العالميّة، وهي شركةٌ إماراتيّةٌ تعمل في تشغيل المحطات البحريّة، وتعتبر جبل علي مشروعها الرئيسي كما ذكرتُ سابقاً. كما أنها شركةٌ تابعةٌ مملوكةٌ بالكامل للحكومة، وكما ذكرتِ أنتِ، فهي تُسيطر حاليًا على 78 ميناءً بحرياً في جميع أنحاء العالم. وبالنسبة لنموذج الأعمال الذي تُطبّقه في مختلف الموانئ، فهو يعتمد حقاً على النظام السياسي، فكما تعلمين، تُعدّ الموانئ في الأساس أصولاً وطنيّة، لذا فهي محكومة بالقطاع العام بشكل أساسي وتُشكّل جزءً منه، ولكن مع وصول المستثمر الأجنبي فلا بدّ أن يكون هناك اتفاقٌ مهمٌ للغاية بين القطاعين العام والخاص.
تتّبع شركة موانئ دبي العالميّة استراتيجيّة تنافسيّة للغاية، بما في ذلك الابتكار، والقدرة، والاستدامة، والتمويل. ونحن نعلم الآن أنها حجزت لنفسها مكانةً مرموقةً بوصفها الشركة الرائدة عالمياً في مجال تشغيل المحطّات، وهي حالياً من بين أفضل خمس شركات رئيسيّة في العالم من خلال تحكّمها في التدفقات وشبه تحكّمها في سلسلة التوريد العالميّة. وهذا شيء أدعو لدراساته مستقبلاً لأننا نعرف القليل فقط عن هذا الموضوع. وقد عملتُ مع طلابي على فهم ما يحدث عند وصول شركة موانئ دبي العالميّة إلى منطقة ما، وتتبّعنا ذلك باستخدام رسم الخرائط مستعينين ببيانات JS؛ ودرسنا عناصر التطوير لفهم ما إذا كان هناك تشابه بين نموذج دبي وآثار التطوير بعد وصول شركة موانئ دبي العالميّة. وما زلنا في طور فهم هذا الموضوع، حيث توصّلنا إلى أربع فرضيّات رئيسيّة. وتقول إحدى الفرضيّات بأن الشركة تستورد النموذج الرئيسي بالكامل إلى الدولة الجديدة التي تعمل فيها. ويمكنني القول إنه في حالة جيبوتي، لدينا حضورٌ قويٌ لموانئ دبي العالميّة ونموذج دبي. لذا، فإن إحدى الفرضيّات هي النقل الكامل لنموذج دبي. بينما تقول الفرضيّة الثانية بوجود تأثير كبير، في حين تنظر الفرضيّة الثالثة في وجود تأثير ثانوي، وفي الفرضيّة الرابعة، فإننا لا نرى أي تأثير، وذلك في الحالات التي يكون فيها وجود القطاع أو تطوّره قوياً، وبالتالي لا يمكن للشركة تطبيق نموذج دبي على هذا النحو.
د.م.: هل يمكنكِ تسمية أفضل خمسة مشغّلين عالميين تتنافس معهم شركة موانئ دبي العالميّة، وأن تُعطينا بعض الأمثلة المحدّدة عن المحطات التي تُديرها شركة موانئ دبي العالميّة دولياً؟
م.أ.: الشركة الأولى هي كوسكو
Cosco، في بكين، بالصين؛ والثانية هي هوتشيسون بورت هاندلينج Hutchison Port Handling، وهي أيضاً في هونج كونج، في الصين؛ والثالثة هي إيه بي إم تيرمينالز APM Terminals في هولندا؛ والرابعة هي بي إس إيه إنترناشونال PSA International في سنغافورة؛ والخامسة هي شركة موانئ دبي العالميّة، دبي، في الإمارات العربيّة المتحدة.
وتُعدّ دبي الآن إحدى المطوّرين في بوابة لندن الجديدة على سبيل المثال. ولا أعرف ما إذا كنتِ على دراية بالمشروع، وهو مشروع مثير للاهتمام للغاية بدأ في حوالي عام 2010 أو 2012، إن لم أكن مخطئة. ونظراً لأن مدينة ميناء لندن كانت مدينة ميناء تاريخيّةً مهمةً جداً، فإن التطوير يتبع تطوّر العالم الغربي. لذا، سأقسّم مدن الموانئ جغرافياً أيضاً، فهناك مدن الموانئ الرئيسيّة التي لها تاريخ طويل خلفها، حيث يمكننا القول إن وجود شركة موانئ دبي العالميّة قد يكون ثانوياً أو غير موجود. ولكن عند الحديث عن جيبوتي (وهي في الواقع في المنطقة الأفريقيّة)، سيكون وجود الشركة أقوى بكثير. ونحن نعلم أن استراتيجيّات تنويع المشاريع، وهذا التوسّع الجغرافي لشركة موانئ دبي العالميّة كشركةٍ عالميّةٍ رائدةٍ من خلال الاستحواذ والاندماج وإعادة تنظيم الأصول، يُثير التساؤلات حول هذا النوع الخاص من التأثير، وكيف يمكن لهؤلاء المشغّلين الدوليين تحويل هذا النمط المكاني من حيث تغييرات البنية التحتيّة، والمؤسّسات، والمستوطنات. وهذه هي العوامل الرئيسيّة الثلاثة التي نبحث فيها كذلك. وهناك في الواقع القليل من الدراسات التي أُجريتْ حتى الآن، لذلك أدعو بالتأكيد إلى إجراء بحوث مستقبليّة للتعمّق أكثر في هذا الموضوع.
د.م.: شكرًا لك على مشاركة بعض الأفكار حول دراستكِ الجديدة. وقد كان من المثير للاهتمام بالفعل التعمق في مجال البنية التحتيّة لمدن الموانئ، ولكن بشكل أكثر تحديداً فهم نموذج ميناء دبي على المستوى الإقليمي والعالمي.
م.أ.: أودّ أولاً أن أشكركِ على إتاحة هذه الفرصة لي للتعرّف عليكِ وعلى فريقكِ، وربما مشاركة جزءٍ صغيرٍ جداً من الدراسات التي كنتُ أقوم بها على مدار السنوات السبع الماضيّة. وإذا كان هناك أيٌ من الطلاب أو الباحثين الذي يستمعون إلينا، فأنا أدعوهم إلى إجراء المزيد من الدراسات في المجالات التي نحتاج إليها. حيث نعاني بالفعل من نقص في الدراسات حول عالم الشرق الأوسط بشكل عام. وعندما نتحدّث عن الشرق الأوسط، فإنه لا يمكننا التعميم بالطبع. لذلك، فنحن بحاجةٍ إلى إجراء المزيد من الدراسات المتعمّقة في كل حالةٍ على حدة، وبالتالي اتّباع منهج دراسة الحالة وإجراء المزيد من الدراسات متعدّدة التخصّصات.
(الهوية البصرية بإذن: ترينالي الشارقة للعمارة، الصورة بإذن: مينا أخافان، تقنية التسجيل الصوتي: Blue Dot Sessions)